الثلاثاء، 12 يوليو 2016

في ذكرى مذبحة سربنيتشيا، ماذا تعرف عنها ؟

 في ذكرى مذبحة سربنيتشيا، ماذا تعرف عنها ؟

ماذا تعرف عن مذبحة سربنيتشيا ؟

ما هي مذبحة سربنيتشيا ؟
مذبحة كارثيّة ارتكبتها ميليشيات الأرثوذكس الصربية تحت نظر العالم الدوليّ متمثلًا بأهم أجهزته في الأمم المتحدة،  تصنف بأنها أسوأ مجزرة شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، راح ضحيتها حوالي ثمانية آلاف من المسلمين البوشناق “البوسنة والهرسك” العزّل، ونزح على إثرها عشرات الآلاف من المدنيين.

خارطة توضيحية
أين تقع سربيتشيا؟
سربرنيتشا مدينة تقع شرق جمهورية البوسنة والهرسك التي أعلنت الاستقلال عن يوغسلافيا السابقة.
متى وقعت المذبحة؟
وقعت في 11 تموز/يوليو 1995 واستمرت لقرابة الأسبوع حتى يوم 19 من الشهر نفسه.
ما خلفية الصراع ؟
كان لجمهورية البوسنة والهرسك الإشتراكية دور كبير في محيطها بسبب موقعها الجغرافي المركزي ضمن الإتحاد اليوغسلافي، وقد عرفت هذه الجمهورية بتعدد الأعراق متمثلة بأغلبية البوشناق المسلمين وقد جاوزت نسبتهم الـ 44% من مجمل السكان، ويمثل الصرب الأرثوذكس منهم 31%، أما الكروات الكاثوليك فيمثلون 17%. وبعد إعلان السيادة الوطنية يوم 15 أكتوبر عام 1991، بدأت جمهورية يوغوسلافيا السابقة في التفكك، في 29فبراير 1992 أجري إستفتاء للإستقلال قاطعه الممثلون السياسيون للصرب والبوسنة. وبعد نتائجه التي أفضت لصالح الإستقلال،اعترف رسميًا  بجمهورية البوسنة والهرسك من قبل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في 6 أبريل 1992. على إثر ذلك قامت قوات صرب البوسنة، بدعم من الحكومة الصربية بقيادة سلوبودان ميلوسيفيتش والجيش الشعبي اليوغوسلافي بالهجوم على جمهورية البوسنة والهرسك من أجل “توحيد وتأمين الأراضي الصربية”. نجم عن هذا الهجوم صراع عنيف وحملات إبادة ممنهجة وتطهير عرقي للسكان خاصة المسلمين البوشناق في البوسنة الشرقية، بالقرب من الحدود مع صربيا.
كيف تمّت المذبحة؟
وقعت المذبحة في منطقة “سربيتشيا” وهي منطقة تخضع لوصاية أمنية، بمعنى أنها محمية من قوات حفظ الأمن الدوليّة وحلف شمال الأطلسيّ، حيث أعلنت الأمم المتحدة في إبريل من عام 1993 أن منطقة وادي درينا سريبرينيتشا في شمال شرق البوسنة” منطقة آمنة” تحت حمايتها ممثلة بكتيبة من قوات حفظ السلام الهولندية إثر  إتفاق مبرم عقب قيام البوسنة بمطالبتها الإستقلال عن يوغوسلافيا .


صحيفة ذي إندبندنت البريطانية الشهيرة في افتتاحية الصفحة الأولى، الأمم المتجدة تترك 8000 للموت في البوسنة !
وتحت ذريعة خضوعها لتسمية “منطقة أمنية” قامت الأمم المتحدة بنزع الأسلحة من سكانها المسلمين الذين كانوا يدافعون بها عن أنفسهم أمام جبروت الجيش الصربي. يفترض من هنا أن يقوم المجتمع الدوليّ بحمايتهم، لكن بعد أن أجبر أهل المنطقة على نزع السلاح بالكلية وتسليمها للأمم المتحدة قامت القوات الدولية بالإنسحاب المبرمج، بل ومنعت حتى أي قوات من الدخول للدفاع عنهم، وبذلك خلت الساحة تماماً امام الصرب لينفذوا أشنع الغارات وأبشع الجرائم في إبادة الشعب البوسني المسلم.
تم تشريد عشرات الألآف ونزوح أمثالهم إثر عمليات الإغتصاب والقتل والتشريد والإهانات التي وقعت، والعالم الحيران وفي صمت عجيب، والحجّة الأوضح أنهاما كانت إلا تصفيّة عرقية دينية. وباسم الحضارة والديموقراطية منع وجود أي كيان إسلامي في أوربا، وكل ذلك قد حدث برعاية الإتحاد الأوروبي الذي حرص على رفض أي تدخل عسكريّ لإيقاف المذابح العرقية الصربية للمسلمين، بل وساهم بحظر توريد إي سلاح للمذبوحين للدفاع عن أنفسهم.
بالمناسبة : قبل وقوع المجزرة فرض حصار طويل على المنطقة أفضى إلى مجاعة كارثية وقعت بين عام1992 و1995. وقد كان هدف الصرب خلال هذه الفترة تجويع المسلمين حتى الموت، وبالفعل كان مسلمو سربريتشيا يتضورون جوعا حتى الهلاك، وعندما زار الصحفي الإسترالي توني برتلي سربرينيتشيا المحاصرة في مارس 1993 أخذ لقطات مأساوية لأحياء مدنين من البوسنة تزهق أرواحهم بسبب الجوع.
نماذج وحشية لبعض الجرائم المرتكبة
  • أثناء حرب البوسنة تم إغتصاب أكثر من عشرين ألف إمرأة مسلمة، هذا الرقم بالطبع أقل بكثير من الواقع إذ أنه وبسبب الوصمة الإجتماعية رفضت العديد من النساء الشهادة ضد الصرب المغتصبين . كان النساء في البوسنة يتعرضن للإغتصاب والتعذيب الجنسي والإستعباد



إمرأة مسلمة من البوسنة في حالة صدمة، وهي إحدى ضحايا الإغتصاب الممنهج في المذبحة، اخذت الصورة من قبل انتوني لويد مراسل الحرب وضابط سابق في الجيش البريطاني آنذاك.
  • من القصص التي حدثت  أثناء مجزرة  ‏سربرنيتشا‬، أن أقدم واحد من جنود الصرب الذين يرتدون الزي العسكري الهولندي إلى إجلاس سيدة مسلمة من البوسنة على الأرض ثم وضعوا في حجرها طفلها الصغير ذو العشرة أعوام، وبدون أي رحمة قام الجندي الصربي بقطع رأس الطفل الصغير بالسكين وهو في حضن امه .. ثم رفع رأسه المقطوع أمام جموع اللاجئيين المسلمين هناك مهللا وبقية جسد الطفل المفصول مازال في حضن أمه التي اصيبت بهيستريا من المشهد، وعندما بدأت المسكينة بالصراخ والعويل أجبرها الجندي الصربي على  على شرب دم طفلها من رأسه المقطوع .. كل هذا حدث تحت نظر الأمم المتحدة وبمباركة دولية آنذاك


جثة لمسلم من ضحايا مذبحة سربرنيتشا، تظهر بوضوح كيف أن الضحية كانت معصوبة العينين واليدين مقيدة خلف الظهر
  • بسبب إشتداد الرعب وإنشتار الإغتصاب وقتل الأطفال وتشريد الناس عن ذويهم، أقدم النسوة البوسنين على شنق أنفسهم بصورة ملحوظة هربًا من العذاب . وفي الصورة إحدى هذه الحالات.

هذه السيدة تسمى فريدة عثمانكوف، شنقت نفسها بالمقرب من مخيم في مطار توزلا بعد فصلها قسرا من أهلها وترحيلهم من سربرنيتشا خلال الإبادة الجماعية. ووفقا لدائرة الخارجية الأمريكية وجدت حالات مماثلة لطفلة من البوسنة تبلغ 14 عام وقد علقت نفسها بوشاح في بوتوكاري بعد أن قام الجنود الصرب بإغتصابها هي وبنت عمها البالغة من العمر 12 عاما.

  • بقر بطون الحوامل من أهم وسائل الإرهاب التي انتهجتها قوات الصرب الأرثوذكسية، من القصص التي وقعت ذبح النساء وبقر بطونهم وإخراج الأجنة وذبحهم بالسكين .

  • صورة لإمرأة حامل بوسنية ذبحت وطفلها في بطنها، استخرجت الجثة من المقابر الجماعية في منطقة سريبرينيتشيا، القتل تم في مايو 1992 . في ذات المقبرة الجماعية وجدت جثث 30 سيدة بوسنية و8 أطفال صغار واحد منهم يبلغ عمر سنتين ، مصدر الصورة منظمة حقوق الإنسان، الحقيقة للعدالة، توزلا
  • كان الجنود الصرب يقومون بقطع حلق كل طفل يبكي أثناء عملية التطهير العرقي لكي لا يزعجهم صوته .
  • يرجح أثناء هذه المذبحة الفظيعة إستخدام أسلحة كيماوية من قبل الجيش الصربي، إذ شهد الناجيين قيامهم بتصرفات غير عقلانية وإضطرابات على غرار الهلوسة وقتل النفس، وقام خبراء من وزارة الدفاع الأمريكية بإجراء مقابلات مع عدد من الناجين من المذبحة الشنيعة صيف 1996، وخلصت النتائج إلى تأييد مزاعم إستخدام أسلحة كيماوية .
  • من القصص الموثقة أيضًا قيام الجنود الصرب بجوار كتيبة من الجنود الهولنديين التابعين للأمم المتجدة بإغتصاب مجموعة كبيرة من النساء من عمر 9 سنوات حتى 65 سنة، وتمزيق أرحامهن وهن لايزالن على قيد الحياة


صورة ارشيفية تعود لتاريخ 11 يوليو 1995 كبار سن من البوسنة، يحصلون على علاج إثر إصابات لحقت بهم على أيدي القوات العسكرية الصربية أثناء فرارهم من الإبادة الجماعية في سربرنيتشا، الرجل توفي بعد فترة وجيزة تم التقاط هذه الصورة

ما موقف الصرب اليوم؟
الرئيس الصربي الحالي توميسلاف نيكوليتش قدم إعتذار رسمي متأخر عن المذبحة، لكن مع ذلك رفض أن يوصف هذه المأساة بأنها إبادة جماعية، ولم يتم الإعتذار عن هذه المجزرة وإدانتها من مرتكبي الجريمة إلا قبل فترة ليست بعيدة في البرلمان الصربيّ، وقد جاءت الإدانة على مضض وفسرها البعض بصورة إنتهازية كجسر عبور من أجل الإنضمام إلى دول الإتحاد الأوربي بإعتباراها متعددة العرقيات ومتسامحة ورافضة للظلم (!) دولة بلجراد قدمت طلبا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي وإشترطت الأخيرة بدورها القبض على ملاديتش وإرساله الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي قبل ان تبدأ المحادثات، مع العلم أن ملاديتش ورادوفان كراجيتش زعيما المذبحة يُعتبران بطلان قوميان بالصرب حتى اللحظة وترفع صورهما في كل المحافل رغم القبض عليهم لاحقاً.
من هم أبرز مجرمي مذبحة سربرنيتشا ”الأبطال القوميين الصربيين” ؟
سلوبودان ميلوسيفيتش
 
  كان رئيساً لصربيا ويوغوسلافيا في فترة المذبحة. أبرز إتجازاته تمويل الصرب البوسنيين ودعمهم بالسلاح والعتاد، وهو بذلك ممول الحرب الدموية العنصرية ضد المسلمين والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 ألف شخص مسلم وشرّدت مئات الآلاف الآخرين طيلة فترة حكمة 1988-1997م، وقد تمّ أخيراً في فبراير 2001م محاكمتة بصفقة سياسيّة في المحكمة الدولية، حيث واجه فيها 66 تهمة تتعلق بالإبادة الجماعية في كرواتيا والبوسنة وكوسوفا وجرائم التصفية العرقية وقتل النساء والأطفال والأبرياء. وفي 11/3/2006م عثر عليه ميتاً بظروف غامضة في مركز الاعتقال الذي كان محتجزاً به في لاهاي.




راتكو ملاديتش
من أهم الزعماء والجنرالات الشيوعيين الصرب، وهو رئيس لأركان جيش جمهورية صربيا في حرب البوسنة أبان الفترة 1992-1995، كما كان المسؤول عن حصار سراييفو من 5ابريل1992 حتى 29فبراير 1996، يعتبر هذا العسكريّ المسؤول الأول عن حملة التطهير العرقي ضد الكروات والمسلمين بالبوسنة وخاصة بمجزرة سربرنيتشا، وهو ما جعل المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا توجه له في نوفمبر 1995م تهم التطهير العرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد أعتقل بعد 13 عاماً من التخفّي، وتمت إحالته على محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي. كان إعتقاله شرط من الشروط المسبقة لقبول صريبيا في عضوية الإتحاد الأوربي . بقيادته طردوا من سربرينيتشا أكثر من 40،000 من البوشناق المسلمين و قتل ما يقدر بنحو 8300 مسلم.


رادوفان كاراديتش

  سياسي صربي وطبيب نفسي وبطل تاريخي يطلق عليه إسم جزار البوسنة وهو أول رئيس لجمهورية صربيا بين (1992-1996)، معتقل في وحدة إحتجاز تابعة للأمم المتحدة، من كبار الفاعلين في إرتكاب مجازر ضد مسلمي البوسنة خلال حصار سراييفو والإبادة الجماعية في سربيرينيتسا، وواحدة من أهم أقواله “أهل سراييفو سوف لن يتمكنو من عدّ أمواتهم، بل على العكس سوف يتمكنوا من عدّ أحيائهم”  ! كان قد دعى لإستخدم الاغتصاب من قبل القوات الصربية كأسلوب من أساليب الحرب في البوسنة
في الحقيقة قائمة “الأبطال” لا تنتهي، وجميعهم خريجي مدرسة العدالة الدولية التي أعطتهم منجل القتل وباليد الآخرى تشدّقت بلاهاي ! ويرى البعض أن مسألة تسليمهم او اعتقالهم أو حتى محاكمتهم ماهي الا صفقات سياسية.
كم عدد الضحايا وأين مدافنهم ؟
القائمة الأولية المفقودين والقتلى في مذبحة سربرنيتشا حسب ما أفادت اللجنة الاتحادية البوسنية للمفقودين احتوت على أسماء 8373 ضحية، وقد قامت المحكمة الجنائية الدولية في الفترة ما بين 1996 إلى 2000 بإستخراج جثث الضحايا من أكثر من 21 مقبرة جماعية لتحديد عدد الأشخاص الذين قتلوا في البوسنة، من بين هذه المقابر كان هناك 14 من المقابر الأولية التي دفن فيه الضحايا مباشرة بعد قتلهم، وفي محاولة من الجنود الصرب لتغطية جرائمهم قاموا بإزالة بقية الجثث من القبور الإبتدائية وأعادوا دفنهم في مواقع أخرى وفي يوليو 2012 قد تم تحديد هو 6838 من مجموع ضحايا الإبادة الجماعية وذلك من خلال تحليل الحمض النووي من أجزاء الجسم المستخرجة من المقابر الجماعية، وفي يوليو 2013، تم دفن 6066 ضحية في مركز بوتوكاري التذكاري وهذه صور من هناك .


أطباء شرعيون يقفون بجوار قبر جماعي للمذبح الفظيعة، يمسك أحدهم بما تبقى من يد أحد الصبية المراهقين لدراستها، الصورة لـ سارة تيري
ماذا عن الموقف الدولي لاحقا؟
كانت المجزرة التي وقعت في سربرنيتشا في يوليو 1995 أسوأ الفظائع التي ارتكبت واحدة في يوغوسلافيا السابقة خلال التسعينات، وهي أسوأ مذبحة وقعت في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. لذلك تشكلت المحكمة الخاصة بمحاكمة مجرمي الحرب والتي أنشئت في عام 1993 لملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والتي ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة منذ عام 1991، وقد استثمرت المحكمة قدرا كبيرا من الوقت والجهد في التحقيق فيما حدث في سربرنيتشا و تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، كما سعت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة إلى إعادة تعريف الإبادة الجماعية نظرًا للجنون الذي قدم عليه جنرالات الحرب الصربية وعلى رأسهم راديسلاف كرستيتش المتهم بالتحريض للإبادة الجماعية والقتل للمنهج في سربرنيتشا، وذلك في يوليو 1995. كما توسّع الحكم وأعيد التعريف القانوني لمفهوم الإبادة الجماعية متضمنا القتل الجماعي على أساس العرق.
اليوم بعد عشرين عاما من المذبحة الشنيعة، وتحديدا في يوم 8 يوليو 2015، قامت روسيا بالإعتراض على قرار اقترحته الامم المتحدة يدين مذبحة سربرنيتشا بإعتبارها إبادة جماعية. وبعدها بيوم في 9 يوليو 2015، اعتمد أعضاء البرلمان الأوروبي ومجلس النواب في الكونغرس الأمريكي بالإجماع قرارا  بشأن مذبحة سربرنيتشا تعريف الجريمة بأنها إبادة جماعية.
وللتوسّع أكثر أرجو الإطلاع على المدوّنات التالية:
Srebrenica Genocide Blog

منقول من مدونة مُنى حوّا





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق